الفرق بين الوسوسة الشيطانية والوسوسة النفسية

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد
حياكم الله إخوتي في الله وجعل الجنة مثوانا ومثواكم وحفظنا جميعا وسلمنا من جميع الأدواء فقد تردد كثيرا بين الناس العوام مشكل الوسواس القهري وقد اختلف المعالجين في تشخيصه فقالت الأغلبية الساحقة منهم أن سببه هو الشيطان
وردوا علاجه إلى ذكر الله وقراءة القرآن وهذا صحيح إذا كانت الوساوس التسلطية سببها الشيطان قال تعالى(وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله انه هو السميع العليم (36)} سورة "فصلت"
وقال تعالى( وإذا قرأت القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا)الاسراء44 ؛
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري( الشيطان جاثم على قلب ابن ادم فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل وسوس)
كل ما ذكرناه هو القسم الأول الذي يسببه الشيطان وتكفي فيه التحصينات والوضوء وما إلى ذلك من ذكر الله
أما القسم الثاني فهو الوسواس النفسي قال تعالى {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ(53)}
وقال تعالى ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)
وهذا أيها الإخوة هو القسم الذي يعالج عند الطبيب فقد اكتشف الطب الحديث أن هناك مرض يسمى الوساوس القهرية التسلطية.
تعريف الوسواس"هو تلك الأفكار السلبية التي تدور في العقل ويقصد به فقط الأفكار السلبية وليست الايجابية.
الوسواس(خناس) مكانه (في الصدور) من طرف (الجن والناس)"
أنواعها"أما شيطانية أو نفسية أومن خلال الآخرين"
- بعض الدراسات تشير إلى أن الإنسان يتحدث مع نفسه أكثر من 5000 آلاف كلمة أو أكثر80 بالمائة سلبية.
- التعريف العلمي"في العلم هناك وساوس قهرية (الوساوس التسلطية والأفعال القهرية) حيث أن فكرة ملحة أو شعور متكرر يحاول الشخص التخلص منها ولا يستطيع رغم أنه يعرف سخافتها أو بطلانها.
أما الأفعال القهرية وهي فعل شيء لإيقاف هذه الفكرة (مثل فكرة أن الشخص يضن أن يد الشخص نجسة فلا يرتاح حتى يمسحها إذا قام بمصافحته ويقوم بالعملية مع كل من يسلم عليه)
- أنواع الوساوس القهرية"وساوس تجاه النظافة والأوساخ تكون في الغسل أو الوضوء.
1- وساوس العنف"قد يستخدم وسائل حادة لجرح أحد أقاربه أوان يلقي نفسه من الشباك وشتم الذات الالاهية وشتم الرسول صلى الله عليه وسلم".
2- الوساوس الشكوكية"شك في إغلاق الباب وإقفال قنينة الغاز وتتردد مرارا لتتأكد من إغلاق الباب"
3- الوساوس العدية"يقوم الشخص بعد خطواته أوعد أعمدة الكهرباء أوعد السيارات أو الأحجار"
4- وساوس اجترار الأفكار"تكون في مسائل دينية أو فلسفية أو الحادية وفكرة الموت هل صحيحة وفكرة التاريخ وفكرة البعث وكيف بدأ الخلق وليست علمية"
5-وساوس المرض" يشك الشخص أنه مصاب بمرض فلا يرتاح حتى يذهب عند الأطباء ويطمئنه وتمر الأيام فيعيد الأمر نفسه"
6- وساوس السحر والمس"يذهب إلى المشعوذين"
7- وساوس الحسد والعين"يوسوس ضد نظرات الآخرين"
8- الوساوس الصورية"يتصور جثة شخص ملقى أمام عينيه"
- نسبة التعداد العام"2بالمائة 3بالمائة رابع أكبر مرض بعد الإدمان والاكتئاب والمخاوف (تصيب أكثر الطبقات الغنية).
- أعضاء الأسرة القريبة يصابون من20 بالمائة إلى 25 بالمائة (إذا كانت الأم مصابة بالوسواس وعند 8 أطفال يصاب في الأغلب اثنان) يصيب سن المراهقة ما بين 19و20)
- الآثار السلبية للوساوس"الوساوس تأخذ وقتا طويلا من الإنسان تضيع عليه الكثير من الوقت.
* لا تجعله يعيش لحظات الحياة السعيدة(يعيش وسط أفكاره)
* تعلم التردد(ضعف اتخاذ القرار)
* الوساوس مع الاستمرار تجلب الاكتئاب بحزنه ويأسه.
*الوساوس تزيد الضغوط النفسية والقلق.
* الوساوس تؤثر على نجاحات الإنسان ونجاحاته.
*الوساوس تسبب الحرج مع الناس وبالتالي العزلة.
-أسباب الوسواس.
1- العوامل البيولوجية "يرى الأطباء النفسانيون أن هناك خللا في عملية( السيروتونيون) في العقل بسبب الوساوس" .
2- العوامل البيئية "فللبيئة تأثير كبير على الإنسان كيف يتصرف مع الأفكار و الأحداث في الحياة بشكل عام فالطفل يأخذ من والديه "
3- العوامل النفسية "هناك أربعة مشاعر تساهم في تكوين الوساوس (القلق ، الكبت ، الإحباط ، الخوف ، التهوين في الأمور وزرع التفاؤل "
ويصاب الإنسان خاصة في السنة الأخيرة من الثانوي أو نهاية الدراسة أو العشر الأواخر من رمضان وهده الأمور تجلب القلق بسبب الإرهاق النفسي .
4- العوامل البارسكولوجية " يشمل أمرين "
_التأثيرات الشيطانية : تؤثر عندما تجد البيئة المناسبة (كالخوف و الغضب....) وهي أسهل الأفكار التي يمكن طردها.
_ التأثيرات الإنسانية : التخاطر أو التلبتي ويمكن أن تؤثر في الإنسان عن بعد ويمكن أن يؤثر بالإيجاب و السلب فالشخص المحبوب يشعر بالراحة و الشخص السيئ لا يحس بالعادة
5- العوامل الروحية " كل إنسان ليس له رسالة واضحة في الحياة فان الحياة ستشغله وتتعبه و تفتح له باب الوساوس بحيث يشتغل بتفاتف الأمور .
العمق الروحي ضروري في حياة الإنسان .
وهده العوامل الخمس كلها لها تأثير في الوساوس.
*صفات الشخص الموسوس
_ الكمالية و المثالية ( الكمالية مئة بالمائة )
_ الروتينية (ممارسة نفس الأشياء)
_الدقة ( حب التفاصيل في الأشياء )
_العناد (عنيد في داخله )
_ الجمود (وساوس جامدة لا تتغير وليست سهلة)
_الذكاء حيث الإفراط فيها تنقلب إلى شيء سلبي .
وإذا أردنا أن نفرق بينهما فليس من السهل إلا بخبرة المعالج وكثرة الممارسة إلا انه يمكن إذا استرقى المريض وكانت هذه الأفكار لا تدفع بالأذكار و التحصينات والأوراد القرآنية فهذا لا يترك أدنى مجال للشك بأنه المرض الذي يعالج عند الطبيب
سيسأل السائل فما دخل الوساوس بالطبيب فما دام هناك أمراض كالسكري ويسببه نقص في مادة الأنسولين أو عجز تام في جهاز البنكرياس مما يؤدي بالمريض إلى أخذ حقن كل يوم لتعويض النقص الحاصل وإذا لم يستعملها يؤدي هبوط السكر أو ارتفاعه إلى عاهات وفي بعض الأحيان إلى الموت فنقيس على هذا المرض نقص مادة السيروتونيون التي تؤدي بالمريض إلى عدم قدرة المريض على دفع الأفكار السلبية فيحتاج إلى العقاقير التي تقوم بوظيفة هذه المادة أو إلى استثارة بعض الخلايا فترجع إلى أداء وضيفتها.
سيقول قائل فلنقرأ القرآن وهو شفاء لوحده فالأصل أن يذهب إلى الطبيب ولنقرأ عليه القرآن وهذا جائز شرعا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الأدوية الطبيعية والالاهية فقد روى ابن أبي شيبة في مسنده من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إذ سجد فلدغته عقرب في أصبعه فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال"لعن الله العقرب ما تدع من نبيا ولا غيره"قال ثم دعا بإناء فيه ماء وملح فجعل يضع موضع اللدغة في الماء والملح و يقرا قل هو الله أحد و المعوذتين حتى سكنت فلو لم يكن من الضروري استعمال الماء والملح لقرأ الرسول الكريم المعوذات فقط.
ومثال أوضح إذا شخص ما كسرت يده هل نقرأ عليه القرآن أونجبر كسره فإذا لم نفعل هذه العملية الأخيرة فلا شك أننا سنتسبب في هلاكه ولاشك.
ولنا في الرجل الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله ماذا يفعل لأخيه الذي تؤلمه بطنه فقال اسقه عسلا ثلاث مرات حتى شفي فكان من الممكن أن يقول له استرقي له ولا يقل له اسقه عسلا ولكن علم أن دواءه هو العلاج الطبيعي بالعسل
وليس هناك فرق بين الوسواس سواء النوع الأول والثاني من ناحية الأفكار فكلها تكون مهلكة كما قلنا و يكون الفرق في السبب ( الأولى الشيطان والثانية النفسية)
وفلسفة الأطباء أنهم ينكرون وسوسة الشيطان وينكرون حتى وجود الجن ولكن هذا ليس دليلا على أن لا نأخذ منهم العلم فالأمراض النفسية أصبحنا نراها و نعايشها يوميا بل أصبح علما قائما بذاته لا يمكن إنكاره حيث أن بعض المعالجين يقولون ليس هناك أمراض نفسية ويرجعون أسبابها إلى الشيطان أو يردون على الأطباء بالمثل وهذا خطأ لأن المؤمن يجب أن يعترف بالحق ولو كان عند الكافر بل وجب علينا أن نتعلم هذا العلم فان لم نتعلمه نأثم جميعا فلنأخذ منه ما ينفعنا ونترك الآخر لهم ولنكن منصفين ولو من أنفسنا اسمحوا لي أن أطلت عليكم ولكن أردت أن تعم الفائدة للجميع إن شاء الله وأوصي جميع المعالجين والرقاة بأن تكون لهم دراية بالأمراض النفسية و أعرف أن الكثير من المعالجين سيقرؤونه وسيفيدهم بإذن الله ان وسعوا بحثهم في هذا المجال
وأخيرا أسألكم الدعاء لي في ظهر الغيب فاني محتاج له وأسأل الله أن يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع الجميع به والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتقبل الله منا منكم

شكرا على مروركم الطيب